صراع لاتيني منتظر على ذهبية كرة القدم
لم تأخذ مسابقة كرة القدم يوما الاهتمام الأكبر في دورات الألعاب الاولمبية، لكنها أثارت عشية انطلاق اولمبياد بكين 2008 الضجة الأكبر، وذلك بعد التجاذبات التي ترقّبها الجميع بين اللاعبين الطامحين لتذوق طعم الذهب الاولمبي وأنديتهم الأوروبية الغاضبة لخطفهم من جديد من قبل منتخباتهم الوطنية، بعد سنة كروية طويلة بامتياز حيث لم يكن اختتام البطولات المحلية نهايتها فجاءت كأس أوروبا لتبقي المستديرة ناشطة على العشب الأخضر.
وتشير الدلائل على الورق إلى أن اللقب لن يكون ببعيد عن حامليه, أي الأرجنتينيين الفائزين بنسخة دورة أثينا 2004, نظراً لنوعية اللاعبين التي تقود المنتخب اللاتيني الممزوج بين أبرز عناصر الخبرة والشباب في العالم, لكن منافسة قوية منتظرة أن تكون الأبرز ستكون أيضاً من أميركا الجنوبية مع البرازيليين بقيادة رونالدينيو.
وإذ تسجل نقطة لافتة هي غياب المنتخبات العربية عن مسابقة اللعبة الشعبية الأولى، تسابق النجوم نحو الالتحاق بمنتخباتهم سعيا وراء انجاز استثنائي وسط توقعات بأن ترتقي منافسات كرة القدم في الاولمبياد إلى مستوى أهم البطولات الكروية، وخصوصا أن لاعبي المنتخبات الكبرى الذين لم يتجاوزوا الـ23 من العمر، أضحى غالبيتهم من أبرز النجوم على الساحة العالمية، كما أن بطولات الفئات العمرية التي أقيمت هذه السنة وفي العامين الأخيرين أظهرت أن حماسة مباريات المنتخبات الأصغر سنا لا تقل شأنا عن المنتخبات الأولى.
المجموعة الأولى
تعد المجموعة الأولى الأقوى بين المجموعات الأربع، وهي تضم الأرجنتين حاملة ذهبية اولمبياد أثينا 2004، وساحل العاج وصربيا واستراليا.
وكعادتها تدخل الأرجنتين الألعاب الاولمبية بجدية تامة، فالبلاد التي تعرف أن آمالها ضعيفة في حصد الميداليات من الألعاب الأخرى، تعتمد بشكل أساسي على لاعبي الكرة الشبان لتذوق طعم الذهب الاولمبي، وهذا ما حصل في أثينا عندما أبدع "راقصو التانغو" ولم يدخل مرماهم أي هدف.
ولا يختلف هدف الأرجنتينيين هذه المرة كثيراً، إذ استدعى المدرب سيرجيو باتيستا بقدر ما أتيح له، جميع النجوم أصحاب الموهبة والخبرة في آن معا، أمثال المهاجمين ليونيل ميسي وسيرجيو اغيرو ومعهم صانع الألعاب الفذ خوان رومان ريكيلمي وفراناندو غاغو وخافيير ماسكيرانو، وهؤلاء تحديدا ينتظر منهم تقديم المتعة إلى جانب النتيجة.
إلا أن طريق الأرجنتين لن تكون معبدة بوجود ساحل العاج وصربيا، في إعادة لمباراتيها أمام المنتخبين المذكورين في مونديال 2006.
ولا يقل العاجيون الذين يشاركون للمرة الأولى في الاولمبياد، والصرب شأنا عن الأرجنتين، إذ أن المنتخب الأفريقي يملك عدة لاعبين محترفين في القارة العجوز وعلى رأسهم مهاجم تشلسي الانكليزي سالومون كالو، بينما يتسلح الصربيون بنجاحهم اللافت في بطولة أوروبا للاعبين دون 21 عاما حيث حلوا في المركز الثاني، وهم يطمحون إلى المركز الثاني في المجموعة حيث سيكون اللقاء مع ساحل العاج هو مفتاح التأهل، وخصوصا أنه لا يتوقع أن تقدم استراليا الكثير في ظل افتقادها إلى لاعبين أصحاب خبرة من طراز تيم كاهيل وهاري كيويل.
المجموعة الثانية
تضم المجموعة الثانية منتخبات هولندا ونيجيريا واليابان والولايات المتحدة.
ويفترض أن يترجم الهولنديون مستواهم المميز في بطولة أوروبا إلى شيء مثير في الألعاب الاولمبية، وخصوصا أن البلاد قدمت في الأعوام الماضية كوكبة من اللاعبين الواعدين، أمثال مهاجم ليفربول الانكليزي راين بابل ولاعب اياكس امستردام اوربي ايمانويلسون والكندي الأصل جوناثان دي غوزمان لاعب فينورد، إضافة إلى هيدويغس مادورو الذي يدافع عن ألوان فالنسيا الاسباني، وجناح ايسر ريال مدريد رويستون درينتي.
واختار المدرب فوبي دي هان المهاجم المعروف روي ماكاي والظهير كوف يالينز لإضافة الخبرة إلى المجموعة وخلق توازن مع أبرز أعمدة المنتخب الفائز ببطولة أوروبا للشباب، والذي يفترض أن يذهب بعيدا في الاولمبياد.
وتبدو حظوظ نيجيريا والولايات المتحدة واليابان متقاربة مع أفضلية بسيطة للأول، في الوقت الذي ستفتقد فيه اليابان إلى عامل الخبرة كون منتخبها يخلو من لاعبين فوق السن بسبب الإصابات التي عاكست خيارات المدرب ياسوهارو سوريماشي، بينما لا تملك الولايات المتحدة أسماء معروفة، بيد أن تأهل منتخبها إلى الاولمبياد يعد نقطة مهمة، وخصوصا أنها لطالما وجهت إليها الانتقادات لافتقادها إلى عناصر شابة.
المجموعة الثالثة
تقف الصين المضيفة أمام مهمة صعبة في المجموعة الثالثة التي تضمها إلى البرازيل وبلجيكا ونيوزيلندا.
ويمكن اعتبار أنه في حال خرجت الصين متأهلة كأحد صاحبي المركزين الأولين عن هذه المجموعة فإن الأمر يعد انجازا بحد ذاته، في الوقت الذي تبدو فيه قادرة على إسقاط نيوزيلندا، لكن ليس بلجيكا التي تطورت بشكل لافت في الأعوام القريبة الماضية، وخصوصا بعد استحداث نظام خاص للاعبين الشبان، أثمر عن ولادة كوكبة من المواهب أمثال فانسان كومباني مدافع هامبورغ الألماني، وتوم دي مول وانطوني فاندن بوريه.
أضف أن المنتخب الصيني يدخل البطولة مهزوزا بعد إقالة مدربه الصربي راتومير دويكوفيتش وتعيين المحلي ين تيسهنغ مكانه، بعكس نظيره البرازيلي القوي بنجومه أصلا، والذي تحضر بشكل جدي بقيادة مدرب المنتخب الأول كارلوس دونغا، والأخير لم يخف أبدا طموحاته بجلب أول ميدالية ذهبية لأفضل منتخب كروي على مر التاريخ، لذا استدعى النجم رونالدينيو المنتقل حديثا من برشلونة الاسباني إلى ميلان الايطالي وصانع الألعاب المميز دييغو والمهاجم الواعد الكسندر باتو وزميله جو الذي أضحى هذا الصيف اكبر صفقات نادي مانشستر سيتي الانكليزي.
المجموعة الرابعة
بعدما عاشت الكرة الايطالية أسابيع مخيبة في كأس أوروبا 2008، إلى خسارة منتخبها للاعبين دون 19 عاما المباراة النهائية للبطولة القارية أمام ألمانيا (1-3)، تأمل أن يكون منتخبها الاولمبي على موعد مع التعويض، وهو الذي يلعب في المجموعة الرابعة إلى جانب كوريا الجنوبية وهندوراس والكاميرون.
وتبدو الشكوك قليلة حول فشل المنتخب الأزرق في هذه المجموعة، وخصوصا أن المهاجم الدولي السابق بيارلويجي كازيراغي سيعتمد بشكل أساسي على اللاعبين الشبان الذين يقودهم ريكاردو مونتوليفو ابرز المواهب الشابة في بلاد "الكالتشو"، وقد اختير أفضل لاعب صاعد في الدوري الايطالي العام الماضي.
النقطة السلبية الوحيدة قد تكون عدم خبرة الشبان الطليان، لكن المهارة قد تعوض، ويملكها هداف فياريال الاسباني جيوسيبي روسي وسيباستيان جيوفينكو ولورنزو دي سيلفستري.
ويفترض أن ينحصر الصراع على المركز الثاني بين الكاميرون وكوريا الجنوبية مع أفضلية نسبية "للأسود غير المروضة"، في ظل تأكد الكوريين من افتقادهم إلى جناح مانشستر يونايتد الانكليزي بارك جي سونغ والمهاجم كيم دو هيون، وهم على غرار الهندوراس سيعانون بدنيا مع المنتخب الأفريقي الذي يملك عناصر مميزة على رأسها مدافع أرسنال الانكليزي الكسندر سونغ.
المصدر: وكالات